Om الاقتراب التداولي بين الفكر الغربي والفك
إنّ اللغة، هي الوسط الذي يضعنا في علاقة؛ أي إنها سيرورة التوسّط الإلزامي التي يتحقق بموجبها التفاهم، وهي من هذه الزاوية شرط رئيسي للحوار التداولي وشرط لهذا الاقتراب، إنها تشيّد وسطا مشتركا بين الناس وتنقل التراث وتدمج الآفاق وتُقحم المتحاورين (النص والمؤول) في نشاط إنتاجي من السؤال والجواب وتجبرهم على إيجاد لغة مرجعية متفق عليها، كما أنها تدخلهم في سيرورة الفهم وتجسّد فعل الفهم ومهارة التأويل. والتأويل أيضا، مثله مثل المحادثة، حلقة من حلقات سلسلة الجدل القائم بين الظاهر والمستتر والسؤال والجواب. والسؤال والجواب ليسا فقط استنطاقا أو مساءلة للنص تتوخى حلاّ أو حلولا معينة، ولكنهما في العمق نقد وحوار، وكل حقيقة إنسانية تتأسس على هذا الحوار؛ أي تتأسس على هذا الاقتراب. بحيث يتحول التأويل إلى علاقة أصيلة بالحياة وخاصية تاريخية هي قيد التحقق الفعلي بطريقة ظاهراتية؛ أي إن هذه العلاقة تتحقق بمقدار ما توفّق في الإبانة عن معانيها ودلالاتها اللغوية أثناء عملية تأويل النصوص. وفي كل عملية فهم، وهي المسار الطبيعي، نحو إطلاق العنان لسيرورة التأويل، لا بدّ من استحضار قوانين النص وقوانين السياق وهذا ما تركّز عليه دراسة الدكتور لزعر. وفي هذه السيرورة، يكون للأحكام المسبقة دور رئيسي، كونها تشكل الكون الوحيد الذي يجعلنا منفتحين على العالم والنص معا. إنها الأساس والمنطلق المباشر لقدرتنا على التجربة والإدراك. ويعمل التأويل بوصفه سيرورة توسطية، تعطي للنص أبعاده الملموسة وكلّ تحققاته على سدّ الفجوة أو الهوة التي تفصل ماضي النص عن حاضره. ويكون للمؤول الدور المحوري في عقد هذه الصلة. لقد حاول الدكتور مختار لزعر من خلال مفهوم الاقتراب التداولي التأصيل لرؤية لسانية تداولية وتأويلية جديدة تنظيرا وممارسة. والتأصيل هنا، هو حالة النضج التي وصل إليها الفعل اللغوي؛ إذ ساهم على نحو كبير في تجديد الوعي اللساني العربي، من خلال إعادة النظر في طريقة التعاطي مع المفهوم والمصطلح والفعل الترجمي وهي مفاهيم كلها تدور في فلك المعنى وإشكالاته، في غنجه ودلاله. كما عمل على تهذيب القراءة اللسانية، وحاول انتشالها من الرؤية النقلية التي ظلت أسيرة زخم هائل من المفاهيم النظرية المستوردة. تلك، في اعتقادنا، هي حالة بعض التصورات والمدارس اللسانية العربية اليوم التي حاصرت نفسها بالعديد من المفاهيم النظرية المجرّدة.
Vis mer